تتوجه هذه الدراسة نحو قارئها بوصفها أطروحة، أي مقترحاً يسعى لإعادة بناء الشعر العربي الحديث، من حيث بنياتُه وابْدَالاتُها. لهذا المقترح أسسُه النظرية وأدواته المنهجية، بها يحتمي ويرحل. وهو مقترح أيضاً في شرائط اجتماعية وتاريخية تعصف بالقناعات الكسولة، كما تعصف في الآن ذاته بأسئلة الثقافة العربية الحديثة وأجوبتها معاً. والشعر العربي الحديث مركز مُعلن أم محجوب لهذه العاصفة، من جهات متعددة تقتحم مسكنه الذي انقضى على بنائه قرن أو يزيد.
والمقترح ذو همٍّ معرفيٍّ، له النظري الذي يخترقه التحليل النّصي. وللنظري سَفَرٌ متقطع أو متواصل عبر التأملات والتنظيرات القديمة والحديثة، من عربية وغير عربية، ما دام الإلغاء يترك المتعاليات الضمنية والصريحة متحكمة في القراءات السائدة التي يتمنّعُ عليها الشعر العربي الحديث، كما يتمنّعُ على كل قراءة يستحوذ عليها تقديس النظريات الحديثة أو التوفيق بينهما وبين القديمة، فضلاً عن استمرار نسيان أوضاع الحداثة في شعريات ذات سلطة عريقة، كالصينية واليابانية والفارسية والهندية، وهي المفيدة بدورها في أوروبا وأمريكا، ينضاف إلى النظري حضور المحيط الشعري في هذه الدراسة، وهو الممثل له بالمغرب، بعد أن انحصرت الدراسات العامة عن الشعر العربي الحديث في المركز الشعري (مصر، العراق، سوريا، لبنان) مشرقاً ومغرباً، مما أكسب المركز الشعري سلطة تعيين الحقيقة وتوزيع الوظائف، ويظل المحيط العشري ( المغرب وغيره ) لا مفكراً فيه، بهذا الحضور يتسع المقترح، وتخط الدائرة انفتاحها الرحيم، ويكون حضور المغرب في هذه الدراسة إمضاء لسؤال شعري لم نواجهه بعد .
Reviews
There are no reviews yet.